القائمة الرئيسية

الصفحات

الأسباب المخففة للجزاء الجنائي

الأسباب المخففة  للجزاء الجنائي

الأسباب المخففة  للجزاء الجنائي
الأسباب المخففة  للجزاء الجنائي


مقدمة:

من المعروف بل ومن المسلم به بان المسؤولية الجنائية كالتزام يتحمله المرتكب لفعل جرمي قد تكون تامة أو ناقصة أو حتى مخففة وذلك تبعا لمتغيرات عدة تجمع بين ما هو مرتبط بظروف الجريمة أو شخصية الجاني.
ولقد كانت المسؤولية الجنائية بالمعنى السالف الذكر، ولزمن طويل متسمة بالطابع الانتقامي من خلال الجزاءات المترتبة عنها، والتي كانت لا تراعي لا شخصية الجاني ولا الظروف التي أدت به إلى ارتكاب الفعل الجرمي، لكن ابتداءا من مرحلة العهد العلمي الذي خضعت فيه الظاهرة الإجرامية للدراسة الفلسفية والعلمية بدأ الاهتمام بدراسة الظروف التي تؤدي إلى السلوك الإجرامي، لكن درجة اعتبار هذه الظروف قد تباينت من مدرسة فقهية لأخرى.[1]

لكن ما يهمنا في هذا الصدد هو المنهج التوفيقي الذي قال به أنصار المدرسة التقليدية الحديثة[2]بحيث نادوا بأن العقوبة ينبغي أن تجمع بين العدالة والمنفعة الاجتماعية فالمنفعة هي مصدر سلطة المجتمع في العقاب، والعدالة هي المعيار الذي يتحدد به نطاق استعمال هذه السلطة، إذ كان لهذا الطرح الأثر الكبير في تحول مركز الاهتمام إلى الجاني وإلى النظرة الإنسانية للعقوبة بصفة عامة.
وأمام هذه التوجه الذي فرض نفسه بقوة، نجد أن جل التشريعات الحديثة- والمشرع المغربي في مقدمتها – قد تدرجت من حيث حجم المسؤولية، فنجدها تارة مخفضة وتارة مشددة وتارة معفى منها.
وإذ ما تركنا تشديد المسؤولية الجنائية جانبا، فإن تحقيقها يعد من أهم السمات التي تعكس مبدأ تفريد الجزاء، إذ تجمع بين تطبيقين أساسيين منه، فنجدها تتبلور في صورة الأعذار القانونية المخففة التي هي تمظهر من تمظهرات التفريد التشريعي، وأيضا نجدها تتبلور في صورة الظروف القضائية المخففة التي هي الأخرى تعد مظهرا من تمظهرات التفريد القضائي.
ومن ثم فتخفيف الجزاء والمسؤولية بصفة عامة له صورتان صورة الإعذار القانونية المخففة وصورة الظروف القضائية المخففة.[3]ولكل صورة ضوابطها وأحكامها فبالرغم من أنهما يدخلان في نفس المنظومة، أي منظومة تخفيف الجزاء، فإنهما يختلفان في عدة نقاط أساسية سنتولى تحليلها في خضم هذا العرض.
وعليه يطرح السؤال بعد هذا التقديم، عن كيفية تنظيم المشرع لكل من الأعذار القانوني المخففة وكذا الظروف القضائية؟
ما هي شروط التمتع بالأعذار القانونية على اعتبار أن المشرع هو الذي حددها سلفا؟ ما هي حدود سلطة القاضي في منح الظروف القضائية؟ هل هو مؤطر بضوابط في هذه المسألة. وفي الأخير ما هي آثار منح الظروف القضائية المخففة على الجزاء؟

المبحث الأول: الأعذار القانونية المخففة للجزاء


سنتناول في المبحث صورة من صور التفريد التشريعي والمتمثلة في الأعذار القانونية المخففة سواء ذات الطبيعة الشخصية (المطلب الأول) أو ذات الطبيعة المادية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأعذار القانونية الشخصية

لا تقوم الجريمة قانونا لمجرد ارتكاب الفاعل للفعل الإجرامي الذي يقوم به الركن المادي للجريمة كما هي موصوفة في القانون، بل يلزم أيضا أن يكون هذا الفعل صادرا من ناحية من إنسان متمتع بالتمييز والإدراك، وأن يتوفر في جانبه الخطأ من ناحية أخرى، أو بعبارة أخرى أن يكون هذا الإنسان متمتعا بالأهلية الجنائية وأن يسند إليه هذا الفعل معنويا[4] ليكون مسؤولا جنائيا.
وهذا يثير مشكلة مسؤولية الحدث والمصاب بعاهة عقلية، اللذان يعتبران عارضان من عوارض المسؤولية التي يخفف فيها الجزاء الجنائي، وفي هذا الإطار سنقتصر في دراستنا لهذا الموضوع على مرحلة من مراحل نمو الحدث وحالة الضعف العقلي كحالة من حالات العاهات العقلية باعتبار أن صغر السن والضعف العقلي عذران يخففان المسؤولية وبالتالي يتم تخفيف العقاب.

الفقرة الأولى: عذر صغر السن

يعتبر الصبي الذي أتم 12 سنة من عمره دون أن يبلغ 18 سنة ناقص الأهلية الجنائية، وهذا يعني أنه يكون أهلا للمساءلة الجنائية عن الأفعال المجرمة التي يرتكبها إلا أن أهليته هاته تعتبر ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه[5] وهو ما أكده الفصل 139 من القانون الجنائي الذي جاء فيه: الحدث الذي أتم اثني عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشر يعتبر مسؤولا مسؤولية جنائية ناقصة بسبب عدم اكتمال تمييزه"[6] ويتمتع الحدث في الحالة المذكورة بعذر صغر السن، وهو ما يقتضي تخفيف مسؤوليته لزوما، وتتمثل مظاهر التخفيف في تخفيف الجزاء كما جاء في المادة 468 من قانون المسطرة الجنائية ، في حالة ثبوت المخالفة المرتكبة من طرف حدث بالغ من العمر ما بين 12 و 18 سنة، يمكن للقاضي أن يقتصر إما على توبيخ الحدث أو الحكم بالغرامة المنصوص عليها قانونا.
كما نصت المادة 473 من نفس القانون على أنه: "لا يمكن أن يودع في مؤسسة سجينة ولو بصفة مؤقتة ، الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و 18 سنة إلا إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري، أو استحال اتخاذ أي تدبير آخر، وفي هذه الحالة يحتفظ بالحدث في جناح خاص، وعند عدم وجوده في مكان خاص معزول عن أماكن وضع الرشداء.
 يبقى الحدث على انفراد أثناء الليل حسب الإمكان".[7]
كما يتمظهر تخفيف جزاء صغير السن في المادة 480 من قانون المسطرة الجنائية، بحيث إذا تجاوز الحدث 12 سنة يمكن أن يطبق في حقه إما تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب المنصوص عليها في المادة 481، أو إحدى العقوبات المقررة في المادة 482 أو تكمل هذه العقوبات بواحد أو أكثر من تدابير الحماية أو التهذيب، وهذه العقوبات تكون حبسية أو مالية ويراعي في ذلك ظروف أو شخصية الحدث الجانح وفي هذه الحالة يخفض الحد الأقصى والحد الأدنى المنصوص عليهما في القانون إلى النصف.
وفي جميع الأحوال فالتدابير المتخذة لا تتجاوز مدتها تاريخ بلوغ الحدث 18 سنة كاملة من عمره. [8]
والملاحظ أن المشرع أوقع عقوبات على الحدث صغير السن رغم تمتيعه بعذر قانوني مخفف، وتوقيع العقوبات الجنائية على الأحداث يؤدي إلى هدم الفلسفة التي تقوم عليها رعاية الأحداث وتقويمهم بالحكم على الحدث بعقوبة جنائية ولو في صورتها المخففة، يساوي بالنتيجة النهائية بين الحدث وبين الشخص البالغ في المعاملة العقابية التي تقوم على فكرة الردع والإيلام والانتقام، فهذه المعاملة يجب أن تؤسس على مبادئ علمية واجتماعية تقوم على فكرة التربية والحماية والتقويم وتستبعد كليا فكرة العقاب. [9]
كان أول من تصدى لعدم تطبيق العقوبات على الأطفال هي شريعتنا الإسلامية فهي لم تهتم كثيرا بالعقوبة على الحدث وإنما أولت عناية خاصة له لإعادة إدماجه في المجتمع.[10] ولقد جاءت العديد من الصكوك الدولية لجعل العقوبة استثناء يتم اللجوء إليها بالنسبة للحدث ومن ذلك اتفاقية حقوق الطفل سنة 1989 في مادتها 37 وعلى أنه لا يجري حبس الطفل إلا كملجأ أخير ولأقصر مدة زمنية مناسبة[11] وفي هذا الإطار انصبت المادة 40 من الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل بوجه خاص على بيان قواعد وإجراءات يقتضي الالتزام بها في التعامل مع الأحداث الجانحين والمتهمين بالجنوح، مع مراعاة سنهم وظروفهم بهدف إصلاحهم، ولقد انسجم المغرب في ذلك مع التزاماته الحقوقية الواردة في هذه الاتفاقية.
ونفس الأمر نصت عليه مجموعة من القوانين المقارنة باعتبار أن الحدث لا تطبق عليه إلا التدابير وجعل العقوبة استثناء، ومن بين هذه التشريعات نجد قانون الطفل السوداني، وقانون العقوبات الفلسطيني (المواد 13، 12).[12]
وفي القانون الفرنسي أيضا نجد أن المادة الثانية من مرسوم الطفولة الجامحة قد حددت مجموعة من التدابير يجوز فرضها على الحدث الجانح[13] غير أنه في حالة إدانة الحدث بعقوبة حبسية يجب أن يكون مبررا تبريرا خاصا من قبل المحكمة وإن كان استثنائيا أن يحكم على الحدث بنفس طريقة الحكم على البالغ.
ولقد أكد ذلك التشريع الجنائي الفرنسي حيث حدد سن البلوغ في 18 سنة وقرر عدم معاقبة من لم يبلغ سن 18 سنة، ولا يحكم على الحدث بعقوبة جنائية وإذا بلغ الحدث 13 سنة ولم يتم 18 سنة أمكن القاضي الفرنسي الحكم عليه بعقوبة جنائية إذا ما ظهر له من ظروف الجريمة وشخصية الجاني ما يستلزم ذلك.
والمشرع المغربي إسوة بالقوانين المقارنة نجده جعل التدابير هي الأصل والعقوبة السالبة للحرية استثناء تماشيا مع متطلبات الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل ومع جل المعايير الدولية ذات الصلة.
ويبقى السؤال المطروح إذا كان الحدث صغير السن متمتعا بعذر مخفف للعقوبة فلما يتم الجمع بين الجزائين، أي التدابير الوقائية والعقوبة في آن واحد؟
-التحقق من توافر صغر السن:
التحقق من توافر صغر السن يحيلنا المشرع المغربي على المادة 459 من قانون المسطرة الجنائية حيث نجده يعتمد كناش الحالة المدنية أو عقد الإزدياد كوسيلة إثبات أصلية لتحديد السن، وهذا ما كرسه المجلس الأعلى في القرار 206/7 الذي أورد فيه: "حيث إن عقود الازدياد التامة والصحيحة الصادرة عن ضباط الحالة المدنية المختصين ترابيا هي الأولى من غيرها لإثبات هوية أصحابها.
فكان على محكمة الموضوع أن تأخذ بما جاء في العقد (عقود الإزدياد) لتقدير سن المتهم عند وقوع الفعل المنسوب إليه وفي تقرير النتيجة القانونية المناسبة وما لم تفعل فإنها تكون قد جردت قضاءها من كل أساس واقعي وقانوني وجعلت قرارها عرضة للنقض.[14]
أما في الحالة التي يتعذر فيها الإدلاء بشهادة الميلاد أو إذا وقع خلاف في تاريخ الولادة يتم اللجوء إلى الخبرة الطبية أو التحريات الكفيلة بإثبات السن كالقرائن وشهادة الشهود".[15]

الفقرة الثانية: الضعف العقلي

الضعف العقلي هو درجة وسطى بين الخلل العقلي وكمال القوى العقلية، فالشخص المصاب بضعف عقلي هو إنسان شاذ، فلا هو كامل الإدراك كالشخص الطبيعي المتمتع بكامل قواه العقلية، ولا هو مختل العقل تماما كالمجنون، أو المعتوه، ومن ثم استلزم الأمر مراعاة ظروفه عند تقرير مسؤوليته، فلا ينبغي القول بامتناعها نهائيا،ولا تحميله إياها بالكامل.[16]وهذا ما تبناه المشرع المغربي في الفصل 135 من القانون الجنائي حينما نص على أنه: "تكون مسؤولية الشخص ناقصة إذا كان وقت ارتكابه الجريمة مصاب بضعف في قواه العقلية جزئيا"[17]، وهنا يكون إلزاما على القاضي تخفيف العقوبة مراعاة للحالة التي كان عليها المتهم وقت ارتكابه للفعل الإجرامي، وهذا سبب شخصي خاص لمن توفر فيه، وتبقى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تحديد القدر المتطلب للتمييز والإدراك والإختيار في الشخص الماثل امامه.
ولقد نظم قانون العقوبات الليبي عذر الخلل العقلي الجزئي أو ما يسمى بالعيب الجزئي، في مادته 84 التي تنص على أنه يسأل من كان وقت اقتراف  الفعل في حالة خلل عقلي غير مطبق ناتج عن مرض أنقص قوة شعوره وإرادته بقدر جسيم دون أن يزيلها".
ويتمظهر تخفيف الجزاء للمصاب بالضعف العقلي، في التشريع المغربي في الفصل 78 من القانون الجنائي ، بحيث أنه في الجنايات والجنح تطبق عليه العقوبات أو التدابير الوقائية المقررة في الفصل 87 المذكورة أما في المخالفات، فتطبق العقوبات مع مراعاة حالة المتهم العقلية.
وحسب هذا الفصل إذا قررت محكمة الموضوع بعد الخبرة الطبية أن مرتكب جناية أو جنحة، رغم كونه قادرا على الدفاع عن نفسه في الدعوى إلا أنه كان مصابا وقت الأفعال المنسوبة إليه بضعف في قواه العقلية يترتب عليه نفس مسؤوليته، فإنه يجب عليها:[18]
1-   أن تثبت أن الأفعال المتابع من أجلها المتهم منسوبة إليه،
2-   أن تصرح بأن مسؤوليته ناقصة بسبب ضعف في قواه العقلية وقت ارتكاب الفعل.
3-   أن تصدر الحكم بالعقوبة.
4-   أن تأمر إذا اقتضى الأمر ذلك، بإدخال المحكوم عليه في مؤسسة لعلاج الأمراض العقلية، قبل تنفيذ العقوبة السالبة للحرية،ومدة بقائه في هذه المؤسسة تخصم من مدة العقوبة، وينتهي إيداعه في المؤسسة وفق الشروط المقرة في الفقرة الأخيرة من الفصل 77.
-التحقق من توافر الضعف العقلي:
إذا كان الأمر سهلا بالنسبة لإثبات مسؤولية الصغير حيث يتم الاعتماد على شهادة الميلاد، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لمسؤولية المصاب بضعف عقلي أو بأي عاهة عقلية أخرى.
فإذا كان الفقه والقضاء المغربي والمقارن يتفقان على أن ثبوت العاهة العقلية من اختصاص القاضي، ودونما رقابة عليه في هذا الشأن من طرف قاضي النقض، شريطة أن يؤسس وجهة نظره على أسباب شائعة منطقية، فأنهما يختلفان في نقطة مهمة، فالفقه والقضاء المغربي على خلاف المقارن، يلزم القاضي بالالتجاء إلى الخبرة الطبية لتنوير وجهة نظره في مسألة انتفاء العاهة العقلية أو ثبوتها.[19]
فإذا كان القاضي غير ملزم قانونا باللجوء إلى الخبرة الطبية للتأكد من ثبوت الخلل العقلي أو الضعف العقلي من عدمه، فإنه لا ينبغي أن تغيب عن الذهن، أن مسالة التثبيت من العاهات العقلية مسألة موضوعية ترتبط بعنصرين[20]:

الأول: قانوني حيث يلزم على القاضي تعليل حكمه باستعراض العناصر المادية التي بنى استنتاجه بثبوت الواقعة أو انعدامها.
الثاني: هو أن مصطلح العاهات العقلية مصطلح علمي ولا يمكن للقاضي على اعتبار تكوينه القانوني، أن يبث فيها دون اللجوء إلى الخبرة الطبية.

ومن خلال الفصول 76 و 78 و 79 من القانون الجنائي نستشف أن المشرع يوجب على القاضي اللجوء إلى الخبرة الطبية، وهذا ما كرسه المجلس الأعلى في مجموعة من القرارات نجد من بينها القرار عدد 388/9 الذي جاء فيه "تحديد مدى تمتع المتهم بقواه العقلية ليس من اختصاص القضاة بل هو من اختصاص الخبراء المختصين في الطب العقلي والنفسي"، وجاء في نفس القرار أيضا " لا يحق للمحكمة أن ترفض طلب إجراء خبرة طبية على المتهم المقدم من طرف دفاعه بعلة أن المحكمة تبين لها من مناقشة القضية أن المتهم يتمتع بكامل قواه العقلية". [21]

المطلب الثاني: الأعذار القانونية المادية

إذا كان المشرع المغربي قد تحدث عن حالات الأعذار القانونية الشخصية المخففة للعقوبة كما رأينا في المطلب الأول، فإنه جعل الأعذار القانونية المادية أكثر اتساعا، ونظمها في مجموعة من الفصول كما حدد لبعض الحالات فصولا خاصة كعذر الاستفزاز وحالاته، وجريمة قتل الأم لوليدها.

الفقرة الأولى: عذر الاستفزاز

فيما يخص عذر الاستفزاز فقد عرفه البعض بأنه الغضب الشديد أو الانفعال القوي الذي يصيب الجاني، بسبب ما صدر عن المجني عليه، فينقص من قدرته على ضبط أعصابه والسيطرة على توجيه إرادية، فيندفع لارتكاب الجريمة تحت تأثير ذلك الانفعال.
هذه الحالة النفسية الناتجة عن الاستفزاز، أخذها المشرع بعين الاعتبار بشروط محددة ورتب عليها تخفيف عقوبة مجموعة من الجرائم ورد النص عليها في الفصول 416 و 417 و 418 و 419 و 420 من مجموعة القانون الجنائي المغربي.[22]
وسوف نتناول فيما يلي بالتفصيل عذر الاستفزاز في كل من الفصلين 416 و 418 من مجموعة القانون الجنائي.
فيما يخص النموذج الأول، والمتعلق بالقتل العمد الحاصل نتيجة للاستفزاز:
فقد نص المشرع على هذا العذر في الفصل 416 من مجموعة القانون الجنائي، حيث رتب المشرع بمقتضى هذه المادة عذر مخفف للعقوبة إذا كان القتل أو الجرح أو الضرب قد ارتكب نتيجة استفزاز ناشئ عن اعتداء بالضرب أو العنف الجسيم على شخص ما.
والعقوبة هنا تخفض حسب الفقرة الأولى من الفصل 423 إلى "الحبس من سنة إلى خمس سنوات"ولتحقق عذر الاستفزاز في هذا الفصل لابد من توافر أربعة شروط :

الشرط الأول: أن يكون الاعتداء الذي يتحقق به الاستفزاز بالضرب أو العنف الجسيم.
الضرب الذي يعتبر مساسا بالسلامة الجسدية بأي وسيلة كان، وكان من باب الأولى أن يكون الاعتداء متحققا بالجرح أو الكسر.
أما العنف الجسيم، فهو من الاتساع بمكان، بحيث يدخل ضمن نطاقه عدة أفعال كتقييد رجلي شخص ويداه أو تركه في مكان مهجور.
ولا يعتبر عنفا حسب الرأي الفقهي السب أو الشتم، وهو ما ننتقده بشدة، لأن السب والشتم قد يتولد عنه استفزاز قوي في بعض الحالات.

الشرط الثاني: عدم مشروعية الضرب أو العنف:
أي ألا يكون الضرب أو العنف المرتكب من هذا الشخص مشروعا، كالعنف الصادر من رجل الأمن الذي يقوم بتقييد وثاق مجرم كي لا يهرب أو يرتكب جرما آخر، حيث أن هذا لا يعتبر عنفا في مفهوم الفصل 416 من مجموعة القانون الجنائي.

الشرط الثالث: أن يوجه الفعل للمستفز:
أي لمرتكب العنف الجسيم، وعليه، فإن هذا العذر لا يتوفر إذا قام المستفز بقتل زوجة أو أب الشخص المستفز له، لأن هذا يدخل في قبيل الثأر، الذي لا يعتد به المشرع.

الشرط الرابع: أن يأتي الفعل المتمثل في قتل الجاني الشخص الذي استفزه مباشرة عقب انتهاء الاعتداء، كأن يقتل شخص أحد الأشخاص الذين ارتبكوا عنفا جسيما على زوجته مباشرة عقب انتهاء الاعتداء، حيث أنه لو قام بقتله أثناء قيام ذلك الاعتداء لن نكون أمام عذر استفزازا، بل أمام حالة دفاع شرعي، التي ينتفي بوجودها قيام عذر الاستفزاز.
ونشير هنا إلى أن واقعة الاستفزاز المخففة لعقاب القتل العمد لا يعتد بها إذا مرت فترة طويلة من الزمن، بين ارتكاب الضرب أو العنف الجسيم من قبل المستفز وقتل المستفز له، ذلك أن العذر يتم تقريره مراعاة لحالة الهيجان التي يكون عليها الشخص المستفز والتي لا تتحقق لو مر وقت طويل.
وفيما يخص النموذج الثاني والمتعلق بالقتل الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج الآخر أو شريكه حالة مفاجأتها متلبسين بالزنا:
قرر المشرع هذا العذر بمقتضى الفصل 418 من مجموعة القانون الجنائي الذي جاء فيه أنه يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجئتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية.
وبمقتضى هذا العذر تخفض العقوبة حسب الفقرة 1 من الفصل 423 إلى "الحبس من سنة إلى خمس سنوات".
وأشير هنا لنقطة مهمة وهي أنه في إطار القانون الجنائي الملغى كان يعفى الزوج من العقاب اعفاءا كليا، كما أن الزوج وحده من كان يستفيد من العذر دون الزوجة، وهو ما كان يعتبر تمييزا ضد المرأة تم رفعه بمقتضى القانون رقم 24.03 حيث منحت الاستفادة من هذا العذر المخفف للزوجين معا.

وفيما يخص شروط قيام عذر الاستفزاز في المادة 418 فيجب توفر ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يكون القاتل زوجا للزوج المقتول المضبوط وهو يزني مع آخر.[23]
حيث أن العذر هنا قرر لأحد الزوجين في إطار الخيانة الزوجية، وهو ما يلزم معه أن يكون الزواج قائما غير منفصل بطلاق بائن، أما إذا طلق الزوج زوجته طلاقا رجعيا فإنه يستفيد من العذر، لأن الزوجية لا زالت قائمة بين الزوجين في فترة عدة الطلاق الرجعي.
كما أن هذا العذر لا يجوز أن يستفيد منه غير أحد الزوجين من الأغيار، كالأصهار والأقرباء، وهذا موقف المشرع المغربي، الذي خالفه المشرع السوري في هذا الإطار، والذي يقر بموجب المادة 548 من قانون العقوبات السوري منح هذا العذر للزوج والولد والأب والأم إذا فاجأ زوجته أو أحد أصوله أو فروعه بالزنا المتلبس به.
هذه النقطة الأخيرة "التلبس" تحيلنا على الشرط الثاني لتحقق عذر الاستفزاز في هذه المادة.

الشرط الثاني: مفاجأة الزوج للزوج الآخر وهو متلبس بالزنا:
التلبس بالزنا الذي تحكمه الفقرة الأولى من الفصل 56 من قانون المسطرة الجنائية:
"إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها" .
هذا التلبس بالزنا، تتولد عنه حالة استفزاز عنيفة، لا يستطيع الجاني كبحها، إلى أنه ومع ذلك وجبت الإشارة ان القضاء [24] يعتمد القرائن القوية على التلبس بالزنا حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية:
"حالة التلبس تكون قائمة إذا حضر الزوج لمنزله ليلا وفتحت له زوجته الباب وهي لا يسترها غير جلباب النوم وألحت عليه في الرجوع إلى الخارج لشراء بعض الحاجات،واشتبه في أمرها ودخل غرفة النوم فوجد فيها شريكها مختفيا تحت السرير وكان خالعا حذاءه.[25]
ونشير هنا إلى أن التلبس وحده لا يكفي بل يبقى الشرط الثالث لتحقق هذا العذر وهو حضور عنصر المفاجأة حيث لا يتحقق عذر الاستفزاز من هذه المادة إذا كان الزوج يعلم أن زوجته تخونه أو العكس.
حيث أن عنصر المفاجأة هنا يعطي للعذر أساسه القانونين والواقعي، فلو أن الزوج القاتل استرجع كامل هدوئه ثم أقدم على القتل، لا يتحقق هنا العذر المخفف للاستفزاز لأنه كان الأولى أن يتقدم هذا الزوج بشكوى للنيابة العامة بقصد متابعة الزوج الخائن عن جريمة الخيانة الزوجية، بالطرق القانونية المقررة لذلك.
هنا وبعد التطرق لعذر الاستفزاز كأحد الأعذار القانونية المادية المنصوص عليها في الفصلين 416 و 418 من مجموعة القانون الجنائي، سوف يتم التطرق في الفقرة التالية لنموذج آخر للأعذار القانونية المادية ونذكر هنا جريمة قتل الأم لوليدها.

الفقرة الثانية: قتل الأم لطفلها الوليد

نص الفصل 397 من ق ج على أنه: " من قتل عمدا طفلا وليدا يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 392 و 393 على حسب الأحوال المفصلة فيها.
إلا أن الأم سواء فاعلة أصلية أو مشاركة في قتل وليدها، تعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر ، ولا يطبق هذا النص على مشاركيها ولا على المساهمين معها".
فإذا كانت الفقرة الأولى من هذا الفصل عاقبت قاتل الطفل الوليد عمدا بالسجن المؤبد آو الإعدام في حالات معينة، وخاصة في قتل حدث دون 15 سنة من قبل الغير أو من قبل أحد أصوله أو شخص له سلطة عليه فإن الفقرة الثانية من ذات الفصل خففت العقاب على تلك الأم القاتلة لوليدها، وبالتالي تعتبر معاملة قانونية تفضيلية لها رغم أنها تعتبر مخالفة للمشاعر الإنسانية باعتبارها مصدر الرعاية والحنان.[26]
وهذا الحكم الذي أتى به المشرع في هذه الحالة هو نتيجة تطور طويل في تاريخ هذه الجريمة، ذلك أنه في العصور القديمة كان الولد ملكا لأبويه وكان لهما حق التصرف فيه أحد قتله خصوصا ظاهرة وأد البنات في الجاهلية إلى أن جاء الإسلام وحرم هذه الظاهرة المشينة.[27]
وابتداء من القرون الوسطى ظهرت قوانين تجرم قتل الطفل من أي كان حتى ولو كان من أحد والديه الذي يعاقب حتما بالإعدام، إلا أن بعض المفكرين ولأسباب اجتماعية قاموا بانتقاد هذه الشدة في معاقبة قاتل الطفل الوليد خصوصا إذا كان أبا أو أما له، ونادوا بضرورة التخفيف من عقاب هذه الجريمة وبالفعل فإن التشريعات الوضعية التي ظهرت في القرن 19 . كالقانون الفرنسي في المادة 302 حيث أخذ بعين الاعتبار وجهة النظر القائلة بالتخفيف لاعتبارات تتعلق بالخصوص بالشرف أو بفقر الوالدين أو الشفقة.. فخفضت العقوبة في حالة القتل الوليد، والمشرع المغربي تأثر منه بالمشرع الفرنسي خفف عقوبة هذه الجريمة على الفاعل إن كان أما دون غيرها.[28]
وإقدام الأم على قتل وليدها لا يكون إلا تحت ضغط دوافع وأسباب قوية تؤثر بشكل أو بآخر على إرادتها وقد يتجلى ذلك في:
التأثيرات السلبية لعملية الحمل والولادة على صحتها النفسية والجسدية وما قد تكون أدت إليه من توترات وانهيارات.
أو تحت ظروف اقتصادية واجتماعية كالفقر وصعوبة تربية المولود وعدم وجود الأب الذي يساعد في ذلك.
او ضغوط مرتبطة باعتبارات الشرف الراسخة في العائلة والمجتمع حالة كونها أنجبته خارج علاقة شرعية في مجتمع يعتبر ذلك خطيئة وعار وقد تجتمع كل تلك الاعتبارات مما يؤثر إلى حد ما على وعيها وإرادتها والذي يبرر تلك المعاملة التفضيلية.[29]
إلا أن بعض التشريعات لم تأخذ إلا بدافع معبر لتخفيف العقوبة في حالة ارتكاب هذه الجريمة وهو اتقاء العار في إطار علاقة غير شرعية وهو ما نص عليه قانون العقوبات اللبناني في المادة 551 وقانون العقوبات السوري في المادة 537 منه.[30]
وهذا التخفيف يعتبر شخصيا تستفيد منه الأم فقط دون غيرها من الأقارب الذين يقدمون على القتل اتقاء العار، كالتشريع الإيطالي الذي يقرر نطاق العذر المخفف ليس الأم فقط ولكن لأي شخص تربطه بها قرابة مباشرة كالزوج أو الأب أو الأخ أو الأخت أو العم أو الخال (المادة 587 من ق ع ايطالي) وإضافة إلى تعلق هذا العذر بالأم فقط وجب أن تكون هذه الأمومة طبيعية بين الطفل الوليد والقاتلة وهذه العلاقة وحدها  كافية للتخفيف دون الاهتمام بما إذا كانت نتيجة علاقة شرعية أم لا ، كما أنه لا عبرة بالدوافع التي دفعت الأم لقتل وليدها في تقدير استفادتها من هذا العذر حسب القانون المغربي[31] اللهم في إطار ظروف التخفيف.
وهذا العذر الممنوح الأم القاتلة لا يكون له محل إلا إذا كان الطفل وليدا، والمشرع المغربي لم يحدد صراحة متي يكون الطفل وليدا، لكن بالرجوع إلى الفقه نجده يعتبر الوليد هو من انفصل عن رحم أنه بشكل يسمح بالاعتداء عليه بصفة مباشرة حتى ولو كان الجبل السري لم يقطع بعد أو هي تلك اللحظة التي لم يعد بالإمكان اعتباره جنينا الذي تحميه جريمة الإجهاض وبغض النظر عما إذا كان الوليد خرج كله أو بعضه من رحم أمه.
ولكن يشترط أن يكون ولدا حيا ومن ثم لا يتصور قيام الجريمة إذا ولد الطفل ميتا أو إذا أحدثت إصابات بالطفل أثناء الولادة أدت إلى وفاته وإلا لن تتحقق الجريمة لاستحالة قانونية. [32]
ولو اعتبرنا بأن الحل الفقهي السابق يسعف في تحديد ابتداء المرحلة التي يكون فيها الطفل وليدا فإنه لا يحدد نهائيا وهذا ما أدى ببعض التشريعات المقارنة إلى تحديده بأزمنة متباينة[33] لم تجعلها فترة طويلة حدا لشهور أو سنوات مثلا، وإن كان المشرع المغربي لم يقم بالتحديد صراحة إلا أن المؤكد هو أن هذه المدة في ضوء الفصل 397 من ق ح لن تكون أطول، كذلك فالمشرع استعمل كلمة وليدها مما يدل على أنه طفل حديث الولادة وإلا كان عليه أن يستعمل كلمة "ولدها" في ذات النص.[34]
فهذا العذر القانوني المخفف للعقاب يعتبر ذو طبيعة شخصية لا تستفيد منه إلا الأم القاتلة دون غيرها من المشاركين أو المساهمين سواء كانت فاعلة أو مساهمة أو شريكة وهذا ما أكده المشرع المغربي بصريح العبارة في الفقرة الثانية من الفصل 397 من ق ج حيث تبقى مسؤوليتهم قائمة لارتكابهم جريمة قتل عمد عادي أو مشدد حسب الأحوال وبالتالي إن تحقق هذا العذر الأم يفضي إلى تخفيف عقوبة القتل العمد ليصبح السجن من 5 إلى 10 سنوات وهي عقوبة مخففة جدا ثم مع إمكانية إعمال ظروف التخفيف يصبح الحكم عقوبة حبسية من سنة إلى 5 سنوات وهي قابلة من أن يستعمل التنفيذ إن توافرت شروطه[35] لأنه لا يوجد ما يمنع القاضي من أن يستعمل سلطته التقديرية في تخفيف العقوبة إذا وجدت مبررات لذلك كما سنرى في المبحث الثاني من هذا العرض.
إلا أنه في نظرنا وتماشيا مع آراء الكثير من الفقهاء ومنها رأي الأستاذة الدكتورة لطيفة المهداتي، أنه لا يوجد ما يبرر منح الأم القاتلة لوليدها عمدا هذا العذر المخفف للعقوبة بل يجب أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة معاقبتها عقوبة تلاءم تلك الجريمة الشنيعة بل الأكثر من ذلك لابد من معاقبة الأب كلك الذي يعتبر بالإضافة إلى الأم مسؤولا عن هذا الطفل وبالتالي معاقبته كذلك على هذه الجريمة وبالتالي يجب حذف حالة قتل الأم لوليدها من الحالات التي يستفيد فيها الجاني من الأعذار المخففة للعقوبة.

المبحث الثاني: الظروف القضائية المخففة للجزاء


تعد الظروف القضائية المخففة أحد الوجوه التي تتبلور فيها نظرية التفريد القضائي الذي قال عنه سالي، بأنه يجعل القاضي أمام نوعين من المشاكل الأولى يتعلق باختيار نوع العقوبة والثاني يخص مدى هذه العقوبة.[36]
وعموما الظروف القضائية كأسباب لتخفيف المسؤولية تخول للقاضي النزول عن الحد الأدنى للجزاء المقرر، قد أضحت من الدعائم الأساسية لمبدأ التفريد القضائي وللاقتراب أكثر من هذه المؤسسة سنحاول تناول أحكامها من حيث منحها وكذا نطاق هذا المنح (مطلب اول) على أن نعالج في نقطة ثانية آثارها سواء على مستوى العقوبات الأصلية أو الإضافية (مطلب ثاني)

المطلب الأول: أحكام الظروف القضائية المخففة

إن معالجة أحكام هذه الظروف يعد بمثابة الخيط الناظم الذي سيقربنا من ماهيتها ومفهومها وعليه سنعالج في البدء منح هذه الظروف من طرف القاضي ثم فيما بعد سنحاول إبراز نطاق هذا المنح وضوابطه.

الفقرة الأولى: منح الظروف القضائية المخففة

على الرغم من أن المشرع قد أقر عذرا قانونية متنوعة تؤدي إلى تخفيف الجزاء على مرتكبي أفعال إجرامية، فإنه مع ذلك لا يستطيع أن يحصر هذا الأعذار ويلم بها. أمام هذا الوضع فإن المشرع لم يحد أمامه سوى أن يوكل للقاضي هذا التحديد تبعا لظروف كل جريمة على حدة وذلك بطبيعة الحال في حدود المبادئ والضوابط التي يقرها القانون.[37]
ومن هنا واستكمالا للبنيان القانوني لمبدأ تفريد الجزاء، نجد أن المشرع أكد على هذه الظروف القضائية المخففة في الفصل 146 من مجموعة القانون الجنائي الذي جاء فيه: "إذا تبين للمحكمة الزجرية بعد انتهاء المرافعة في القضية المطروحة عليها أن الجزاء المقرر للجريمة في القانون قاس بالنسبة لخطورة الأفعال المرتبكة أو بالنسبة لدرجة إجرام المتهم، فإنها تستطيع أن تمنحه التمتع بظروف التخفيف إلا إذا وجد نص قانوني منع ذلك..."
ولقد اعتبرت الأستاذة لطيفة مهداتي في رسالتها- حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء -بأنها – أي الظروف القضائية المخففة – من أهم الأعمدة التي يقوم عليها البنيات العقابي ومن الأسباب التي توسع سلطة القاضي الجنائي في تفريد الجزاء.
فالظروف القضائية هي أسباب لتخفيف الجزاء وبالتالي حجم المسؤولية الجنائية تخول للقاضي في نطاق قواعد حددها المشرع الحكم بعقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر للجريمة، الأمر الذي يحدو بنا إلى القول أن المشرع قد أخذ بنظام التعداد القضائي لهذه الظروف سيما وأنها تركها لفطنة وحسن تقدير القاضي.
ومنح هه الظروف أمر موكول للقاضي مع التزامه بالتعليل عند منحها، وآثارها شخصية بحثة إذ لا تخفف العقوبة إلا فيما يخص المحكوم عليه المتمتع بها تبعا لظروفه [38]وهكذا جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى سنة 1970.
"وعليه فإنه عندما يكون الاتهام موجها إلى أكثر من شخص واحد فإنه يتعين أن يقترع بشأن ظروف التخفيف فيما يخص كل متهم وذلك لاختلاف ظروف كل شخص عن آخر".
هذا عن منح الظروف القضائية والسلطة الموكول لها منحها، فماذا عن نطاق هذا المنح هل له حدود وهل له ضوابط وهل يهم جميع الجرائم؟

الفقرة الثانية: نطاق منح الظروف القضائية المخففة

كما سبق معنا في خضم الحديث عن منح الظروف القضائية المخففة فإن المشرع وإن كان قد منح للقاضي سلطة تقديرية في منحها، إلا أنه قد أطر هذا المنح بعدة محددات لابد للقاضي أن يراعيها منها:
·       أن لا يوجد نص خاص يمنع منح هذه الظروف والأمثلة كثيرة عن هذا المقتضى من ذلك مثلا:
المادة 18 من الظهير المنظم للصيد البري الذي يقضي بأن مقتضيات القانون الجاري به العمل المتعلقة بالظروف المخففة لا تطبق على العقوبات المقررة في ظهيرنا الشريف هذا.
·       لابد من احترام ضوابط النزول عن الحد الأدنى فعلى الرغم من أن المشرع قد أعطى أمر استنباط هذه الظروف للقاضي، فإنه أقر ضوابط للنزل عن هذا الحد  تم التنصيص عليها في إطار الفصول 147 و 151 من م ق ج الأمر الذي حذا ببعض الفقه إلى انتقاد ها التحديد قائلا بأن المشرع سلب ما منحه باليد اليمنى باليد اليسرى.[39]
·       لابد للقاضي عند منح هذه الظروف أن يعلل قراره، الأمر الذي يفرض عليه بحث كل حالة على حدى على اعتبار أن هذه الظروف شخصية بحثة، لكن هذا الأمر لا نجد له تطبيقا في الواقع القضائي الذي درج على استعمال عبارة "أن المحكمة قد قررت تمتيع المتهم بظروف التخفيف نظرا لحالته المادية والاجتماعية" وهذا ما يدل على أن المحكمة لا تحمل نفسها مشقة بحث هذه الظروف.[40]

المطلب الثاني: آثار الظروف القضائية المخففة للجزاء

إن منح ظروف التخفيف للمجرم يرتب آثارا قانونية بالغة الأهمية تتمثل مبدئيا من خلال تخفيفها للعقوبة، ذلك لأن التخفيف قد يكون وجوبيا وقد يكون جوازيا فقط.
إن تأثير الظروف القضائية يختلف حسبما إذا كانت العقوبة أصلية أو إضافية.[41]
سنتطرق في هذا المطلب إلى نقطتين أساسيتين: النقطة الأولى، نعرض فيها لتأثير منح الظروف القضائية على العقوبات الأصلية.
أما النقطة الثانية: سنتطرق فيها لأثرها على مستوى العقوبات الإضافية.

الفقرة الأولى: أثر منح ظروف التخفيف على العقوبات الأصلية

فيما يخص العقوبات الأصلية لابد من التمييز بين الجنايات الجنح المخالفات.

أولا- فيما يخص الجنايات:

من المسلم به أن العقوبات الجنائية هي الأكثر تأثرا بظروف التخفيف أكثر من العقوبات الجنحية وكذا المخالفات .
وعموما يمتاز أثر الظروف القضائية المخففة على الجنايات بكونه إلزامي، بمعنى أن المحكمة عندما تمنح المتهم ظروف التخفيف تكون ملزمة بتخفيف العقوبة في الحدود التي عينها القانون.[42]
إن أثر منح الظروف يتحدد من خلال الفصلين 147 و 148 وسنتناول ذلك من خلال عدة نقط.
·       إلزامية تخفيف العقوبة في الحدود التي رسمها القانون من طرف المحكمة وذلك إن تم منح ظروف التخفيف بحيث لا يجوز للمحكمة مخالفة هذه الحدود. وفي هذا الصدد نورد قرار[43] نقض فيه المجلس الأعلى سابقا محكمة النقص حاليا  حكما لمحكمة الموضوع حيث حكمت على المتهم بالحد الأقصى للعقوبة على الرغم مما جاء في حكمها، إنها قد منحت المحكوم عليه ظروف التخفيف وذلك تطبيقا للفصل 146 من القانون الجنائي فكان عليها في هذه الحالة أن تحكم بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات أو بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات تطبيقا للفقرة الرابعة من الفصل 147 من القانون الجنائي ورغم ذلك حكمت عليه بالحد الأقصى مخالفة بذلك مقتضيات الفصل المشار إليه سابقا.
·       تكون المحكمة ملزمة بتعويض بعض العقوبات الجنائية بسبب تمتع المتهم بظروف التخفيف وهذه العقوبات هي:
-         الإعدام يبدل أو يعوض بالسجن المؤبد أو السجن المؤقت من عشرين إلى ثلاثين سنة.
-         السجن المؤبد، يبدل أو يعوض بالسجن المؤقت من عشر إلى ثلاثين سنة.
-         السجن المؤقت الذي تتراوح مدته من خمس سنوات إلى عشر سنوات يعوض بعقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات.
-         الإقامة الجبرية تستبدل إما تعويضا بالتجريد من الحقوق الوطنية أو بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
-         التجريد من الحقوق الوطنية يستبدل أو يعوض بالحبس من ستة أشهر  إلى سنتين أو الحرمان من بعض الحقوق الوطنية الواردة في الفصل 26.
-       أن المحكمة الجنائية مجبرة إذا كان الحد الأدنى المقرر للعقوبة عشر سنوات فتخفض عند ظروف التخفيف إلى مدة تتراوح من خمس وعشر سنوات أو تعوض بعقوبة الحبس من سنتين إلى خمس سنوات.

ثانيا :أما فيما يخص الجنح الضبطية 

طبقا للمادة 150 من القانون الجنائي بما في ذلك في العود وفي غيره من  الأحوال التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك.
-       فإذا ثبت للقاضي توفر ظروف التخفيف وكانت العقوبة المقررة هي الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط، فله أن ينزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر في القانون وفي حدود ستة أيام وأن لا تنقص الغرامة عن 12 درهما.
-       ويجوز للقاضي أن يحكم بإحدى العقوبتين فقط، كما يجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الحبس على أن لا تقل الغرامة عن الحد الأدنى المقرر، وفي حالة الحكم بالغرامة عوضا عن الحبس إذا كانت العقوبة المقررة في القانون هي الحبس وحده, فأن الحد الأقصى لهذه الغرامة هو 5 آلاف درهم.

ثالثا: أثر منح ظروف التخفيف على العقوبات الضبطية:

-       من خلال المادة 151 من القانون الجنائي يتضح أن للقاضي سلطة فيما إذا ثبت لديه توفر ظروف التخفيف أن ينزل في جميع المخالفات بعقوبة الاعتقال أو الغرامة إلى الحد الأدنى لعقوبة المخالفات المقررة في القانون ويجوز له أن يحكم بالغرامة عوضا عن الاعتقال في الحالة التي يكون فيها الاعتقال مقررا بالقانون.[44]
-       تجدر الإشارة إلى أن المواد 149 وكذا 151 الخاصة بالجنح والمخالفات استعملت عبارة يستطيع القاضي للدلالة على أن التخفيف الوارد فيها غير ملزم بل هو أمر جوازي.
-       مقاربة هذه النقطة: تكتسي أهمي بالغة على مستوى الاجتهاد القضائي  الفرنسي حيث ذهب إلى أن منح ظروف التخفيف في الجنح والمخالفات لا يمنع المحكمة إلا من الحكم بالحد الأقصى للعقوبة المقررة في القانون ومتى نزلت عن هذا الحد، كان حكمها سليما ومطابقا للقانون وهو حكم واضح الأساس.
-       من المقرر أنه كلما منحت ظروف التخفيف في الجنايات إلا ويؤدي ذلك حتما تخفيف العقوبات الجنائية الأصلية المنصوص عليها في الفصل 16 من ق ج.
-       إلا أن هذا الأثر المترتب عن منح ظروف التخفيف لا يمتد ليشمل العقوبات الإضافية الأخرى ذلك أنه بمقتضى الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل 147
إذا كانت العقوبة الجنائية المقررة لزجر الجناية مصحوبة بغرامة فإن محكمة الجنايات يجوز لها أن تخفض الغرامة إلى حدود 200 درهم أو حذفها نهائيا.[45]
-       من خلال الفقرة الأخيرة  من الفصل 147 فإذا حكمت المحكمة بعقوبة الحبس بدل السجن الذي حده الأدنى خمس سنوات أو عشر فقرة 5-4-3 من المادة 147 أو الإقامة الجبرية (الفصل 148) أو التجريد من الحقوق الوطنية (فقرة 2 – الفصل 148) فبإمكانها أن تضبيف إلى هذه العقوبات غرامة يكون حدها الأدنى 200 درهم. وحدها الأعلى 1200 درهم وبالمنع من الإقامة لمدى تتراوح من خمس وعشر سنوات والحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها من الفصل 26 من ق ج.

رابعا- منح ظروف التخفيف على العقوبات الجنحية

-       إن أثر منح ظروف التخفيف يختلف بحسب ما إذا كانت الجريمة جنحة تأديبية أو ضبطية.
-       فالنسبة للجنح التأديبية بما في ذلك حالة العود يستطيع القاضي في غير الأحوال التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك إذا كانت العقوبة المقررة هي الحبس أو الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين فقط، وتبت لديه توفر الظروف المخففة له أن ينزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر في القانون دون أن ينقص الحبس من شهر واحد والغرامة عن 200 درهم.[46]

الفقرة الثانية: أثر منح ظروف التخفيف على العقوبات الضبطية

لم يتعرض القانون الجنائي لأثر ظروف التخفيف على العقوبات الإضافية ولذلك ينبغي التساؤل في هذا الصدد كما إذا كانت هذه العقوبات تخفف عند تمتع المتهم بظروف التخفيف.
مما لا جدال فيه أن عدم النص على هذا التخفيف في القانون بالنسبة للعقوبات الإضافية يؤكد أنه قاصر على العقوبات الأصلية مع ذلك وبالنظر إلى ارتباط الأولى بالثانية تمدد الاستفادة من ظروف التخفيف على العقوبات الأصلية.
والعقوبات الإضافية يمكنها تقسيمها إلى قسمين:

أولا- عقوبات تابعة: للعقوبة الأصلية وتشمل الحجز القانوني التجريد من الحقوق الوطنية الخ.
أما أثرها في حالة منح الظروف المخففة فيظهر في اختفائها نهائيا نتيجة تعويض أو استبدال العقوبة الأصلية.
مثلا: القتل العمد عقوبته السجن المؤبد أو الإعدام بالإضافة إلى عقوبات إضافية فإذا أخذت المحكمة بظروف التخفيف وقضت بالحكم عليه بالسجن المؤقت من 20 إلى 30 سنة حسب المادة 147
فإن العقوبة الإضافية تختفي وجوبا وبحكم القانون[47]

ثانيا- العقوبات التكميلية:
هذه العقوبات تنحصر في ثلاث وهي نشر الحكم بالإدانة وحل الشخص المعنوي والمصادرة الجزئية، وقد تكون العقوبات التكميلية إلزامية حيث يتوجب على المحكمة الحكم بها إلى جانب العقوبات الأصلية، فيكون والحالة هذه تمتيع المدان بالظروف القضائية المخففة غير ذي أثر إطلاقا على العقوبات التكميلية وان كان المشرع الجنائي لم ينص عليها في نص صريح.[48]
وقد تكون العقوبات التكميلية جوازية وهذا يعني أن المشرع لم يلزم بها المحكمة بأن تحكم بها جنبا إلى جنب مع العقوبات الأصلية فيمكن والحالة هاته أن يعفي القاضي، المدان من هذه العقوبات التكميلية الجوازية مادامت هذه الأخيرة ليست من الواجب النطق بها إلى جانب العقوبات الأصلية.[49]

خاتمة:

عموما وبعد هذا التحليل لموضوع تخفيف الجزاء الجنائي الذي حاولنا مقاربته من خلال الزوايا الثلاث أي تشريعا فقها وقضاءا، يمكن القول أن الأخذ بنظام العقوبة المخففة بصورتيها أي القانونية من خلال الأعذار القانونية، والقضائية من خلال الظروف القضائية أمكن القول أن الغاية منها هي تقريب القانون للواقع وإدخال أسس جديدة على مبدأ الشرعية بالشكل الذي يحقق العدالة الاجتماعية دون هدم الركائز الأساسية لصفة التجريم والعقاب.
فالمجرمون في أحايين كثيرة، يرتكبون الجرائم نتيجة لظروف عدة تتراوح بين ما هو مادي وشخصي وبالتالي لا يجد أن يكون النص القانوني قاسيا عليهم بدعوى الشرعية الجنائية.

لائحة المراجع

  1. لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، طبعة 2007.
  2. أدولف ييولط، القانون الجنائي في شروح منشورات جمعية تنمية البحث والدراسات القضائية 1990 المغرب.
  3. ساد حميدي، شرح القانون الجنائي الخاص وفق آخر التعديلات .
  4. سامي عبد الكريم محمود، الجزاء الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، ص 321.
  5. سمير كميلي الضريف، الأهلية القانونية، دار القرويين للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2005،.
  6. طارق الديراوي ، مراجعة قانونية بشأن المعاملة العقابية للأحداث في التشريع الفلسطيني، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان سنة 2011.
  7. عبد الواحد العلمي، القانون الجنائي المغربي، القسم العام، الطبعة الثالثة 2009.
  8. علوي جعفر، المعين في شرح القانون الجنائي العام المغربي فقها وقضاء، الطبعة الأولى 2010.
  9. علي محمد جعفر حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرفين لخطر الانحراف، دراسة مقارنة الطبعة الأولى، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت سنة 2004.
  10. علي محمد جعفر قانون العقوبات القسم الخاص .
  11. محمد مومن محاضرات ألقيت على طلبة الفصل الخامس من سلك الإجازة بجامعة محمد الخامس- أكدال – الرباط.
  12. محمود سليمان موسى، الإجراءات الجنائية للأحداث الجانحين دراسة مقارنة في تشريعات الدول العربية والقانون الفرنسي في ضوء الاتجاهات الحديثة في الساسة  الجنائية، دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق –الإسكندرية سنة 2008.
  13. محمود سليمان موسى، قانون الطفولة الجانحة، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي، منشأة المعارف سنة 2006.

------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
[1]- في هذا الإطار هناك عدة مدارس قد تباينت نظرتها إلى العقوبة والجزاء بصفة عامة ، فنجد المدرسة التقليدية الأولى كانت تعتمد على منطق رياضي – جامد، إذ كانت تدعو إلى معاقبة مرتكبي نوع واحد من الجرائم بنفس الجزاء.
أما من جانبها فلقد اعتمدت المدرسة الوضعية أو الواقعية بدراسة المجرم بدل الجريمة، واعتبرت هذه الأخيرة هي نتاج لعوامل متنوعة تختلف باختلاف الظروف.
في حين أن مدرسة الدفاع الاجتماعي وخاصة اتجاه مارك انسل فقد دعت إلى إقرار سياسة جنائية إنسانية من خلال التركيز بعناية على الشخص المجرم والأخذ بظروفه.
[2] - التي ظهرت نتيجة للانتقادات الموجهة للمدرسة التقليدية الأولى.
[3] - دون أن نحصر مسألة تخفيف الجزاء وبالتالي حجم المسؤولية في الظروف القضائية المخففة وكذا الأعذار القانونية المخففة، إذ هناك عدة صور هذه المسألة من بينها وفق التنفيذ أو الخيار بين العقوبة أو الغرامة وإلى غيرها من التطبيقات.
[4] - علوي جعفر، المعين في شرح القانون الجنائي العام المغربي فقها وقضاء، الطبعة الأولى 2010، ص 171.
[5] - سمير كميلي الضريف، الأهلية القانونية، دار القرويين للطباعة والنشر الطبعة الأولى 2005، ص 121.
[6] - الفصل 139 من مجموعة القانون الجنائي.
[7] - المادتين 468 و 473 من قانون المسطرة الجنائية
[8] - المادة 481 من قانون المسطرة الجنائية
[9]- محمود سليمان موسى، قانون الطفولة الجانحة، دراسة مقارنة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي، منشأة المعارف سنة 2006، ص 330
[10] -علي محمد جعفر حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين لخطر الإنحراف، دراسة مقارنة الطبعة الأولى، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت سنة 2004، ص 212
[11] -المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل.
[12] -طارق الديراوي ، مراجعة قانونية بشأن المعاملة العقابية للأحداث في التشريع الفلسطيني، مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان سنة 2011، ص 5
[13]-محمود سليمان موسى، الإجراءات الجنائية للأحداث الجانحين دراسة مقارنة في تشريعات الدول العربية والقانون الفرنسي في ضوء الاتجاهات الحديثة في الساسة  الجنائية، دار المطبوعات الجامعية أمام كلية الحقوق –الإسكندرية سنة 2008، ص 146.
[14] - المادة 459 من قانون المسطرة الجنائية
[15] - القرار عدد 206 ، 7 بتاريخ 2 أبريل 1998، الملف الجنائي 261- 209.
[16] - سميرة كميلي، اضريف، مرجع سابق، ص 128
[17] - الفصل 135 من القانون الجنائي.
[18] - الفصل 78 من القانون الجنائي.
[19] - عبد الواحد العلمي، القانون الجنائي المغربي، القسم العام، الطبعة الثالثة 2009، ص 313.
[20] - عد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 314.
[21] - القرار عدد 388/9 والصادر بتاريخ 3/3/2004.
[22]- أدولف ييولط، القانون الجنائي في شروح منشورات جمعية تنمية البحث والدراسات القضائية 1990 المغرب، الصفحة 175.
[23] - يراجع الفصل 90 من القانون الجنائي الملغى، قانون 24 أكتوبر 1953.
[24] - والفقه كذلك مع أن الأمر قد يكون مجرد محاولة زنا.
[25] - قرار لمحكمة النقض المصرية مأخوذ من كتاب الأستاذ عبد الواحد العلمي، شرح القانون الجنائي المغربي الصفحة 270 وموضح في الكتاب أنه بدوره مأخوذ من مجموعة القواعد القانونية ج 2 ، ص 718 قاعدة 17.
[26] - محمد مومن محاضرات ألقيت على طلبة الفصل الخامس من سلك الإجازة بجامعة محمد الخامس- أكدال – الرباط.
[27] - وقد جاء في قوله تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا" (الآية 31 من سورة الإسراء).
[28] - د. عبد الواحد العلمي مرجع سابق، ص 271 و 272.
[29] - محمد مومن نفس المرجع السابق.
[30] - نصت على هذه الصورة المخففة من القتل العمد بعض التشريعات العربية الأخرى، المادة 326 من ق ع الأردني، والمادة 373 من ق ع الليبي، والمادة 407 من ق ع العراقي، والفصل 211 من ق ع التونسي والمادة 253 من ق ع السوداني.
[31] - دة. ساد حميدي، شرح القانون الجنائي الخاص وفق آخر التعديلات ص 162
[32] -د. علي محمد جعفر قانون العقوبات القسم الخاص ص 169
[33] - كقانون الجزاء الكويتي الذي نص على أنه: "كل امرأة تعمدت قتل وليدها فور ولادته دفعا للعار...".
[34] - د. عبد الواحد العلمي، نفس المرجع السابق، ص 273.
[35]- قرار عدد 626/96 بتاريخ 96-9-18 غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بأكادير جاء فيه: "حيث اعترفت المتهمة بكل تفصيل أمام الضابطة القضائية بأنها حملت سلاحا ولما اشتد بها المخاض وضعت مولودها خارج المنزل وألقت بوليدها في قاع البئر وحددت هذا الاعتراف أمام السيد قاضي التحقيق ابتدائيا وتفصيليا.
حيث أفاد التقرير الطبي أن الطفل ازداد مولودا بصفة جدية والجنس ذكر وأنه يحمل تشويها غير طبيعي في الرأس ناتج عن ضربة وصدمة برأسه وحيث يستخلص مما ذكر أعلاه ان المولود أصيب برأسه أثناء رميه بالبئر المبني بالأحجار على بعد 18 متر، وحيث أن جميع القرائن كافية لثبوت تهمة قتل الوليد عمدا في حق المتهمة وحيث أن جريمة إخفاء الجثة لشخص المجني عليه ثابتة في حق المتهمة لكونها بعد القتل العميد لوليدها في وقت متأخر من الليل ألقت بجثته وأخفتها ببئر لا يبعد عن مسكنها إلا قليلا..."
وبعد تمتعيها بظروف التخفيف أصبحت العقوبة سنة واحدة حبسا مع وقف التنفيذ.   
[36] - لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي في تفريد الجزاء، طبعة 2007، ص 18.
[37] - سامي عبد الكريم محمود، الجزاء الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، ص 321.
[38] - عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 337
[39] - لطيفة مهداتي، المرجع السابق، ص 73.
[40] - لطيفة مهداتي، المرجع السابق، ص 73.
[41] - عبد الواحد العلمي، مرجع سابق، ص 368
[42] - احمد الخمليشي، مرجع سابقن ص 277.
[43] - حكم لمجلس الأعلى 348 بتاريخ 24/2/1966 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى لعدد 3/، ص 98 منشور المجلة قضاء المجلس الأعلى قرار المجلس الأعلى عدد 963 بتاريخ 7/3/.
[44] - عبد السلام بن حدو، الوجيز في القانون الجنائي ص 218
[45] - أحمد الخمليشي، مرجع سابق، ص 283
[46] - أحمد الخمليشي، مرجع سابق، ص 283
[47] - أحمد الخميليشي شرح القانون الجنائي، ص 283.
[48] - أحمد محمد بونة، دور القاضي في تخفيف العقوبة ص 136.
[49] - الدكتور عبد الواحد العلمي، المرجع السابق،ص 65  
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات